نبذة عن الكتاب
هَذِه فُصُول يدين بها الكيس نفسه، ويستيقظ بها الغافل من غفلته، ويتبين بها الراشد عيب نفسه، ويميز بها العارف سبيل الهدى من سبل الهوى، والَّتِي أسأَل الله تَعَالَى أَن لَا يعدمنا بركتها، وَهُوَ حسبنا وَنعم الْوَكِيل، وَالصَّلَاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى وَآله وَصَحبه الأكرمين.
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * *وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41]، وقال تعالى: ﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الأعراف: 176]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾ [طه: 16]، وَقَالَ: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الفرقان: 43]، وقال تعال: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50]، وقال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ﴾ [الجاثية: 23]؛ وَغير هَذَا من الْآيَات الكريمات مَا يدل على شرور النَّفس وَقلة رغبتها فِي الْخَيْر، واتباع العبد هواه من غير هدى من الله سبحانه.
لذا كان لزاما على من له عقل ودين أن يحاسب نفسه، ولا يترك لها الحبل على الغارب، ولا يسترسل معها، ولا يتبع هواها، ولا يستجيب لأمرها، فإنها أمارة بالسوء كما وصفها خالقها، وهي لا محالة تسعى في عطب صاحبها، وتروم هلاكه، وتبغي تعاسته، فما أغبن من سجنته نفسه وكبلته شهواته؛ حين يحال بينه وبين الرجعة، ويقفل عليه في كهف الندامة والحسرة.
0 مراجعة