المؤلف:كيت تشوبين
نبذة عن الكتاب
ولدت كيت تشوبين (1851-1904) Kate Chopin في سانت لويس، بولاية ميسوري في عام 1851، لأب ينحدر من أصول أيرلندية، وأم ذات أصول فرنسية، كانت زوجة ثانية لأبيها، وكانت تتميز بعلاقاتها الاجتماعية القوية وسط دوائر المهاجرين من ذوي الأصول الفرنسية في سانت لويس.
كانت كيت الثالثة من بين خمسة أطفال رزق بهم والدها، لكن أختيها الشقيقتين توفيتا في طفولتيهما، أما أخويها لأبيها من زيجته الأولى فقد توفيا في شبابيهما الباكر. تخرجت كيت في مدرسة القلب المقدس Sacred Heart Convent في سانت لويس في عام 1868. شغفت كيت منذ حداثتها بالقراءة والاطلاع. كانت قارئة نهمة للشعر والروايات الكلاسيكية والمعاصرة لا تروى لها غلة، وقد أدمنت على القراءة إدمانًا قاتلاً وأكبت عليها سنوات طويلة. وفي عام 1870 تزوجت من أوسكار تشوبين في سانت لويس، وأقامت معه في موطنه "نيو أورلينز"، ثم انتقلا بعد ذلك إلى ريف لويزيانا حيث استقرا فيه حتى وفاة زوجها في عام 1882.
ومنذ عام 1889 حتى وفاتها في عام 1904، لم تنقطع كيت عن كتابة القصص القصيرة والصور القلمية والروايات. وكانت قد غشي صدرها تطير وكآبة حتى أشفت على اليأس أثر فقدانها خلال سنتين أو ثلاث سنوات زوجها وأمها، فنصح لها الطبيب الذي كان يتعهدها بالرعاية أثناء فترات حملها وولادتها (أنجبت كيت ستة أطفال فيما بين عامي 1871، 1879) والذي كان صديقًا حميمًا لأسرتها، وهو ما يمثله في روايتها "يقظة الوجدان" شخصية دكتور ماندليه، نصح لها بأن تشرع في الكتابة علاجًا لنوبات الكآبة التي كانت تعتريها من آن لآن فضلاً عما يمكن أن تمثله الكتابة من مصدر دخل تتعيش منه.
نشرت كيت قصصها القصيرة في مجلات محلية عديدة نذكر من بينها:
The Century Magazine ِAtlantic Monthly, The Youth’s Companion, Vogue.
نُشر لكيت مجموعتان من القصص القصيرة هما: "قاطنو بايو" Bayou Folk (1894)، و"ليلة في أكادي" A Night at Acadie (1897).
ونذكر من بين أعظم قصصها القصيرة وأحظاها بالشهرة وذيوع الصيت: "طفل دزيريه" Desirée’s Baby (1893)، The Story of an Hour، (1894)(•) و"العاصفة" The Storm.
كما أصدرت كيت روايتين هما: الوقوع في الخطأ At Fault (1890)، ويقظة الوجدان The Awakening (1899)، تقع أحداثهما في نيو أورلينز وجراند آيل.
تستهل رواية "يقظة الوجدان" أحداثها في جزيرة جراند آيل حيث يقضي السيد بونتلييه وزوجته الشابة إدنا وطفلاهما عطلة الصيف. نشأت بين إدنا وبين روبير البرا، الابن الأكبر لمدام البرا، مالكة الأكواخ التي تؤجرها للمصطافين، صداقة وطيدة. سرعان ما أنبتت أرض الصداقة شجرة الحب المورقة. أحب كل منهما صاحبه حبًا ملك عليه كل حواسه ومشاعره، ولكنه كتم سره في صدره. اجتاحت إدنا عواطف متناقضة من الخوف والفرح. وجدت نفسها موزعة بين رغبة تغريها بالاستسلام لتيار عواطفها الجامحة وإرادة تحثها على كبح جماح عواطفها أن تغري ألسنة السوء بها بتخطيها التقاليد والأعراف السائدة، ولكن إدنا "لم تملك إلا أن تشعر بسخف وحمق ما فعلت في فورة غضب جنوني عندما داست خاتم الزواج بقدمها وقذفت بالفازة الكريستال جدار المدفئة المكسو الأديم بالفسيفساء، فتحطمت. لم تعاودها بعد تلك الليلة مثل تلك النوبة من الغضب الجنوني والهياج الحامي التي دفعت بها إلى إتيان مثل هذه الأفعال العبثية. قرّ منها العزم على أن تفعل ما تود فعله وأن تطلق العنان لمشاعرها وعواطفها دون أن تأبه بتقاليد المجتمع وما تفرضه من قيود تغل أعناق النساء، وأغلال تقيد خطاهن.
أما روبير فقد تنازعت قلبه حيالها عواطف متضاربة، واعتلجت في صدره انفعالات شتّى من حدة العاطفة وقبضة الرغبة ومشاعر الحنان والإشفاق عليها من تدمير حياتها الزوجية المستقرة، فيقرر الرحيل إلى المكسيك للعمل فيها، فراراً من هذا الصراع المعذب الناشب في أعماقه.
تصف كيت في هذه الرواية وصفًا دقيقًا مشاعر وأحاسيس امرأة تمردت على تقاليد المجتمع الذكوري في الجنوب الأمريكي إبان العقد الأخير من القرن التاسع عشر: "لم تكن السيدة بونتلييه امرأة تحذو حذو الأمهات الصالحات، وتمضي على أثرهن في العناية بطفليها العناية الواجبة. كان هذا الصنف من الأمهات أكثرية ساحقة في جراند آيل إبان ذلك الصيف. كان من السهل التعرف عليهنّ وهنّ يهرعنّ مضطربات يخفقن بأجنحتهن في الهواء ليبسطنّ جناح الحماية على أفراخهن إن استشعرنّ خطراً حقيقيًا أو متخيلاً يتهددها. فهن نسوة يتعشقنّ أطفالهن ويوّدنّ لو يفرشنّ شغاف قلوبهن تحت أقدامهم، ويهيمنّ بأزواجهن حبًّا، ويشعرنّ بالغبطة والامتنان أن حبتهن الأقدار بنعمة فقدانهن لفرديتهن، حتى لو كانت تلك الفردية هي التي تصون لهن ملامحهن الشخصية، فلا تنطمس مع غيرها في كتلة واحدة بلا ملامح، وأن نبتت لهن أجنحة فأضحين ملائكة يبسطن لأطفالهن أجنحة الحماية والرعاية من الشفقة والرحمة".
أحمد هلال يس
0 مراجعة